الخميس، 14 فبراير 2008

مصر الجديدة


حملت مصر الجديدة بصمتها الخاصة ولم تستطع السنوات المائة أن تجعلها قديمة أو عجوزا.. لم تكن عماراتها تشبه عمارات وسط البلد الفرنسية الطابع.. وكانت مختلفة.. مثلث مجتمع الكوزموبوليتان ببساطة وبلاتكلف.. سكنها فقط من وقع في هواها وعشق طابعها الهاديء والبسيط .. الذين عاشوا فيها من بدايتها وبعد سنوات من إنشائها رأوها وهي تحمل طابعها الأصلي الذي حافظت عليه كثيرا.. وشاهدوها وهي تتغير.. اعتصرهم الألم وهم يمرون أمام الأماكن التي طالتها أيدي التغيير وأصبحوا يؤرخون لما حدث فيها.. فهنا كان قصرا تحول إلي برج قبيح. وهنا كانت حديقة غناء تحيط بعمارة صغيرة من ثلاثة أدوار تزينها أشجار المشمش والليمون والنبق'.. كان بستاني الحديقة يمنح ورود حديقته لأطفال الحي.. وكان يجمع ثمار النبق ليضعها في أكياس صغيرة يهديها لهم.. أما البرج الزجاجي المخيف الذي يمتليء بعشرات الشقق والذي لا يعرف سكانه بعضهم البعض ومعظمهم وافدون من خارج حدود مصر الجديدة فكان بيتا صغيرا من دورين تسكنه أربع عائلات متلاحمة.وفي شارع رمسيس الذي يخترق قلب مصر الجديدة (القديمة) ويبدأ من نفق العروبة فيمر بأكثر الأماكن تميزا. ويعبر المترو في شارع الأهرام ليستكمل طريقه وحتي شارع دمشق.. في النصف الثاني من الشارع بدأت أول ملامح التغيير وهدمت عدة فيلات لتتحول واحدة منها إلي ظاهرةعرفتها مصر كلها بعد ذلك.. مكان تلك الفيلا أنشأوا أول 'مول' .. وكانت تلك هي البداية فبدأ راقيا تحتله المحال الانيق ليتحول بعد ذلك إلي سوق شعبي تماما ومازالت تباع به المنتجات الرخيصة من أحذية وملابس وغيرها ( سوق بطرس غالي) من هنا بدأ التغيير في طبيعة المكان.. فالمدن والأحياء دائما ما تحمل طابع من يسكنون فيها وتبع ذلك تغير في طبيعة كثير من سكان مصر الجديدة الذين رغم طبيعتهم الاجتماعية الخاصة لم يكن يلزم أن يكونوا من أصحاب الثروات الضخمة.. وعندما اقتحمها أصحاب الثروات الجديدة ليحاولوا أن يجددوا لأنفسهم شرعية للإنضمام للطبقة الجديدة تغيرت جغرافية المكان وأصبح معظم سكانها القدامي يعيشون فيها بفعل قانون الإيجارات القديمة أما أبناؤهم فهم غير قادرين علي دفع الملايين ليستمروا في الحياة بواحتهم التي عرفوها فسكنوا خارجها.وتخلي كثير من أبنائها عن لقبهم الذي ابتدعوه بأنهم (مصر جداوية) ومن أنهم يشعرون بالاختناق عندما يغادرون حدود مصر الجديدة عند منشية البكري ولا يتنفسون مرة أخري براحة إلا عندما يعودون إليها متناغمين من مصريين وأرمن وفرنسيين ويونانيين ويهود.. وتشهد كثير من المحال القديم التي مازالت تحمل أسماء أصحابها علي تناغم مصر الجديدة ففي 'الكوربة' وفي شارع بغداد مازال يقع أول وأشهر محل للعب الأطفال الذي عرفه الصغار (نجريستو) وبعده.. كان هناك محل (خريستو) أيضا الذي كان يبيع لفائف خيوط الصوف . وأمامه علي الجانب الآخر كان محل للحلوي الفاخرة عرفه السكان باسم (هوم دي كيك) ويقال إنه كان ملك بوللي مستشار الملك فاروق وتحول الآن إلي مطعم شهير.
الحلمولنترك مصر الجديدة علي حالها الآن تحتفل بأعوامها المائة لنعود ماقبل المائة بعدة سنوات عندما كان هناك بارون بلجيكي يعمل في عدة مجالات منها السكك الحديدية رأي الترمواي الذي مثل وقتها ثورة في المواصلات يصل إلي العباسية التي كانت تمتد بعدها الصحراء منبسطة فرأي أمام عينيه المستقبل ممتدا خطط لمشروعه ووضع تصوراته علي الأوراق جعل عماراتها مزيجا من فن العمارة العربي الإسلامي والأوروبي.لم يكتف بالحلم والتصورات وشاركه بوغوص نوبار الحلم بإنشاء مدينة سكنية جديدة.. راقية.. تجذب الموظفين والطبقة المتوسطة، ولد المشروع وهو يحمل قيمة لكل الأطراف.كانت مبادرة لرجل أجنبي لم يتغن بحب مصر وعشقها وإنما أسس عملا ربح منه مبالغ طائلة وأسسه بشكل حضاري سليم وطرحه للبيع والإيجار بأسعار في متناول اليد خاصة بعد أن كانت الأسعار قد بدأت ترتفع في مناطق قصر النيل وجاردن ستي والسكاكيني فكان الحل في مدينة جديدة بأسعار مناسبة.وبدأ البارون وشريكه التنفيذ وكان البارون مهندسا عمل في بداية حياته بمشروعات بناء السكك الحديدية والترامويات الكهربائية وشاركه بوغوص نفس المهنة وكان ابن نوبار نوباريان أول رئيس للوزراء في مصر في عصر الخديو إسماعيل وتدرج بوغوص في المناصب إلي أن أصبح المدير الوطني للسكك الحديدية المصرية..وبدأ الشريكان العمل بعد أن أسسا شركة مساهمة علي مساحة ستة آلاف فدان اشتراياها من الحكومة المصرية بسعر جنيه واحد للفدان ثم قامت بتقسيمها وطرحها للبيع لمن يريد من المواطنين بسعر 40 قرش للمتر الواحد علي أن تتكفل الشركة بأعمال بناء العمارات والفيلات ويسدد الملاك الجدد ثمن الأرض والبناء علي أقساط ممكنة بفائدة 3 % للأرض و5 % للبناء.وحدثت المفاجأة وشهد المشروع إقبالا غير عادي رغم أن المدينة التي اتخذت اسمها من الشمس كانت في قلب الصحراء. فالمصريون والأجانب اقبلوا علي الشراء منها حتي تمت تغطية ثمن الأسهم ثلاثا وثمانين مرة. وبنت الشركة المساكن التي عرفها فيما بعد سكان مصر الجديدة باسم مساكن الشركة البلجيكية وهي التي تعد واحدة من أهم معالم مصر الجديدة وتوضع فوق سلسسلة من البواكي التي أنشئت ليتسني للسكان التمشية تحتها مع التمتع بالفرجة علي المحال والاحتماء تحتها من المطر والشمس ويمكن للشخص أن يسير تحت البواكي من أول منطقة روكسي من أمام عمر أفندي حتي يصل إلي نهاية منطقة الكوربة بشكل متصل لا يقطعه سوي مترو النزهة فقط. وكانت تلك العمارات من أول الانشاءات التي بنيت في مصر الجديدة ووقتها نشرت عنها إعلانات في صحيفة المقطم تحاول أن تجذب إليها السكان في بداية عام 1910 واحة عين شمس هليوبوليس للإيجار بجانب الجامع الجديد والترمواي الذي سينشأ قريبا ، بيوت علي الطراز التركي مؤلفة من ثلاث غرف أو أربع وفسحة وقدرت الأجرة من 60 إلي 140 قرشا.. وكان في المطبخ فرن ضخم من الحديد مازال في منازل بعض الأسر حتي الأن وهو ماذكره لي مصطفي عبد الرحمن أحدسكان تلك الشقق وهو حفيد من سكنها لأول مرة. ويتذكر أن والدته أصرت علي عدم أزالة ذلك الفرن وإنها كانت تستخدمه حتي توفيت وأن زوجته هي التي ازالته ويتذكر مصطفي أنه كان يشاهد من السلم الخلفي للعمارة الأفلام السينمائية التي كانت تعرض في سينما وانريس الصيفية والتي كانت تحيطها حديقة رائعة وتتوسط عمارات الشركة.
ثورة الترموايولنعد إلي مصر الجديدة في بدايتها لنري الترمواي يتهادي فيها ليحدث ضجة في ذلك الوقت فكان توفير المواصلات المريحة في البداية ثم المدينة الجديدة وهو تفكير يتسق مع المنطق..فقد حرص البارون علي تغطيتها بشبكة من المواصلات فكان المترو من كوبري الليمون إلي محطة المعلمين في منشية البكري ليتخذ مسارا مع شارع الخليفة المأمون حتي حدائق القمر مكان سينما روكسي الأن. وكان ثمن تذكرة المترو عشرة مليمات للدرجة الأولي وسبعة مليمات للدرجة الثانية ثم زادت بعد الحرب العالمية الأولي إلي خمسة عشر مليما للدرجة الأولي وعشرة للثانية.ويذكر الأستاذ عباس الطرابيلي في كتابه 'أحياء القاهرة المحروسة' أن المشروع الأول لإنشاء مصر الجديدة لم يكن يتضمن إنشاء مدينة سكنية بل كان يقوم علي تقسيم الأراضي ثم يبعها بعد تجهيزها وبدأ في تخطيط30 كيلو مترا في الشوارع وإقامة مشروع للصرف الصحي بطول 10 كيلو مترات ومد خطوط للمياه طولها 50كم وفي عام 1910 زادت المساحة الممنوحة للشركة بمقدار 12 فدانا إضافية لتصبح المساحة 5964 فدانا ثم زادت إلي 11904 أفدنة وهنا اشترطت الحكومة مقابل زيادة المساحة أن تقوم الشركة ببناء مائة منزل علي الأقل علي المساحة الأولي واشترطت أيضا أن يتضمن البناء إقامة مساكن ومساجد وكنائس وفنادق ومستشفيات ومدارس واندية وملاعب رياضية كما اشترطت أن تتولي الشركة إصلاح وتمهيد طريق السويس وتحويل خط سكك حديد السويس إلي جنوب واحة مصر الجديدة.وعهدت الشركة إلي المهندس والمعماري البلجيكي إيرنست جاسيار لتصميم المدينة وصممها علي نفس الأسلوب المعماري الذي اتصفت به المدن في أوربا التي تتوسطها مساحات كبيرة من الحدائق وتشقها شوارع متسعة يصل عرضها إلي عشرة أمتار تفصل بين المساكن وعلي شوارع تتراوح ما بين 30 و40 مترا كمحاور رئيسية للحي كله وهو ما نراه حاليا في شوارع الأهرام والميرغني والحجاز وغيرها من الشوارع الرئيسية في مصر الجديدة.وبجانب الشوارع المتسعة أقيمت أول مدينة ملاهي عرفت باسم اللونا بارك أو حديقة القمر مكان سينما روكسي الآن وكانت واحدة من العجائب حتي أن الكاتب محمد سيد الكيلاني في كتابه 'ترام االقاهرة' يصف ناقلا عن جريدة المقطم ماحدث للمصريين يوم أن زاروا اللونابارك وشاهدوا الألعاب الكهربائية ووصفهم بأنهم كانوا يتنقلون من فرجة إلي فرجة ومن لعبة إلي لعبة. فكان قوم يمشون في كهوف وهم يهتزون اهتزازا شديدا بقوة خفية قيل إنها الكهربائية فيضحكون من رؤية بعضهم البعض ويضحكون سائر الناظرين إليهم وقوم يمشون علي شبه نول الحائك فيتحرك بهم إلي الأمام وإلي الوراء كأنهم يرقصون وما هم براقصين، وقوم يمشون أمام مرايا مستوية ومقعرة ومحدبة فتريهم صورهم مشوهة تشويها مضحكا.كما أهتم البارون بالمنشآت الدينية والقصور والمكتبات والمتنزهات ووضع منذ البداية أساسا لفندق هيليوبوليس بالاس وسباق للخيل إلي جانب قصره الشهير الذي يعد من أهم علامات مصر الجديدة وهو مايرصده عاشق مصر الجديدةومؤلف موسوعة تضم كل ما يتعلق بها اللواء متقاعد محمد صالح مكرم حفيد عمر مكرم وابن واحد من أوائل العائلات التي سكنت مصر الجديدة.. وبدأنا جولتنا معه في أهم معالم مصر الجديدة بلوحات التأسيس بهيليوبوليس الاسم الأول الذي كانت تعرف به لها الأولي موجودة في شارع إبراهيم اللقاني أمام شركة مصر للإسكان والتعمير في نفس المكان الذي كان يوجد فيه مقر الشركة البليجكية والتي أممت علم 1957 وضعت لوحة التأسيس الأولي عام 1906 والثانية أمام كنيسة البازليك عام 1910 وهي تتوسط الميدان ويتفرع من حولها شارعان والثالثة في شارع سيتي أمام كنيسة الملائكة ووضعت عام 1925 بمناسبة زيارة الجنرال الليمبي في عيد الفصح وفي بداية تأسيس مصر الجديدة كان يوجد بها خمسة شوارع طولية وأربعون شارعا عرضية كلها كانت تحمل أسماء فرعونية ويونانية وإغريقية وإسلامية قديمة.. ففي أول المناطق التي بنيت فيها وتعرف الآن بمنطقة العروبة سمي شارع سيزوستريس ورمسيس وسيتي والمسلة وايزيس وغيرها من الاسماء الفرعونية وشوارع الخليفة المأمون المستعصم والمستنصر والفيوم والخرطوم وصلاح الدين ومراد بك ثم بعد ذلك الإمام علي وأبو بكر الصديق ونخلة المطيعي وغيرها من الأسماء التي تدل في المقام الأول علي المزيج المتجانس الذي هو سمه واضحة من سمات مصر الجديدة.والطريف أن الأماكن الأولي للخدمات مازالت في مكانها حتي الآن محتفظة بطرازها المعماري شرطة مصر الجديدة بقرب ميدان الجامع والمطافيء بالقرب من ميدان صلاح الدين ومكتب البريد مازال في نفس مكانه في شارع البوستة. أما الأشياء التي اختفت تماما ولم يصبح لها بديل فهي فرق مكافحة الكلاب الضالة التي كان يخصص لها كونستابل علي موتوسيكل ماركة B Boy ملحق به سيدكان ومعه جندي مسلح ببندقية خرطوش انجليزية ويقومون بتفقد الحي يوميا وضرب الكلاب الضالة وأسست العديد من المدارس التي كان كثير منها لأبناء الأجانب والطبقة الراقية. وكانت أول مدرسة في مصر الجديدة هي مدرسة نوباريان التي أنشئت علم 1922 ثم سان جوزيف وراهبات الدرليفراند والسكركير والليسيه إلي جانب عدة مدارس أبناء المصريين منها الزهرات والكواكب ومدرسة مصر الجديدة الثانوية بنين عام 1947 وكانت الحكومة المصرية قد اشترطت علي البارون أمبان وشركته إقامة أماكن للعيادة.. وهو ما حدث بالفعل ففي المنطقة الأولي لمصر الجديدة التي تضم الآن الكوربة تقع كنيسة البازليك التي تتوسط الميدان والتي عرفت أحيانا باسم الكاتدراتية اللاتينية التي بنيت عام 1910 وكانت أمام مداخلها حرم واسع يتصل بالحديقة ويقال إن البارون إمبان دفن في تلك الكنيسة عام ..1929وواكب الانتهاء ومن كنيسة البازليك الإنتهاء من أكبر مساجد مصر الجديدة مسجد السلطان حسين كامل عام 1914 والذي يعرف الآن بمسجد الثورة وفي نهاية شارع الصومال أوكوماتوس سابقا يقع المعبد اليهودي وملحق به دار للمسنين ويقع في شارع ضيق ولا يتميز بفخامة معمارية ولا يكاد يلاحظه أحد..ولم يغفل البارون عن أماكن الترفيه فأنشأ سباقا للخيل .. وكان مكان المريلاند وكان ملحقا به مكان للرماية عرف(بالتيرو) وكانت تقام الرهانات في سباق الخيل وشهدت ساحة (اموينا) تجمعا لاولاد الذوات لممارسة رياضة الباتيناج وكان ملحقا بالصالة بار ومكانه في الموقع الذي يقع فيه عمر افندي وسط ميدان روكسي الآن وأنشئت مجموعة من حمامات السباحة وملاعب التنس عام 1940 وعرفت باسم نادي هولوليدو في نفس موقعه الآن وكان مخصصا للأجانب فقط وتدريجيا سمح لأولاد الذوات بالدخول إليه وكان من ضمنهم عائلة د. صالح ثابت والد السيدة سوزان مبارك وعائلة عاصم، فائق باشا إلي السيد عمر مكرم وعائلة الكشميري وبهجت وآل زين وسنجر وغيرها من العائلات العريقة التي كانت تسكن مصر الجديدة ومن قبله انشئ نادي هوليوبوليس أهم نوادي مصر الجديدة والذي ينتسب إلي عضويته أبناء الطبقة الراقية والعائلات المشهورة وكثير من الشخصيات المهمة علي رأسهم الرئيس محمد حسني مبارك وأبناؤه ويعود تاريخ إنشاء النادي إلي عام 1910 بواسطة شركة حديد مصر وواحة عين شمس وتم تعديل اسمه عام 1922إلي نادي هليوبوليس بعد أن كان يسمي نادي سكك حديد مصر الجديدة وواحات عين شمس . وكان يديره الإنجليز في البداية حتي دخل إليه المصريون ليتولي في عام 1949 نجيب باشا اسكندر رئاسة النادي ليكون أول رئيس مصري ثم توافد علي المنصب عدد كبير من المصريين هم عبد المقصود باشا أحمد والطيار محمد صدقي محمود ولواءمهندس عرفة علي مهدي وغيرهم ومنذ أن وضع القانون المنظم للنادي عام 1928 وهو سار حتي الآن ومن خلاله تم تحديد الوان النادي بالأزرق السماوي والأزرق الغامق كما تم اختيار شارة النادي علي هيئة زهرة اللوتس ومفتاح الحياة عند قدماء المصريين.ولنادي هليوبوليس قصة طريفة تتعلق بمساحته فمنذ أنشائه خصص له 160 فدانا منها 124 فدان لممارسة رياضة الجولف مما دعا عددا كبيرا من الأعضاء للاعتراض علي تخصيص كل تلك المساحة لممارسة لعبة الجولف التي لاتجتذب سوي عدد قليل رغم أن أحد أهم أسباب النادي كانت لممارسة لعبة الجولف التي كان يعشقها البارون وحصل فيها علي كثير من الجوائز.
العمارة والجمالونعود لنستكمل جولتنا مع السيد محمد صالح مكرم في مصر الجديدة كما كانت.. فقد تميزت مصر الجديدة منذ إنشائها بالمقاهي الواسعة مثل الانفتريون، ووازيس التي كان بهما مقهي متسع ثم سينما صيفي وخلفها أخري شتوية ومكانها الآن محل للمأكولات وتحولت السينمتان إلي مدينة ملاهي أغلقت أبوابها وكان مطعم (فوالييه) أمام الكلية الحربية مكانا شهيرا يقصده الشباب وفي ميدان الكوربة كانت ومازالت حتي الآن بالميرا إلي جانب جروبي في مكانه الشهير في نفس الموقع الذي انشيء به عام 1918 واختفي تماما مقهي وحلواني خارينوس في ميدان سفير بعد أن تحول إلي مجموعة مطاعم وكان لخارينوس شهرة فائقة في مصر الجديدة وفي منتصف الاربعينات كان سعر التورته لديه حوالي (جنيه) وهو كان رقما هائلا في ذلك الوقت..وأنشأت في مصر الجديدة مجموعة كبيرة من دور العرض السينمائي مازال بعضها في مكانه والبعض الآخر أختفي تماما ودور أخري تحولت مثل سينما الحرية التي أصبح مكانها الآن مول تجاري يحمل نفس الاسم وكانت في الماضي بها مسرح يقدم فيه عرض للأسود والافلام وكانت تعرف بسينما فاروق وبه دور للعرض السنمائي أما سينما نورمادي بدور عرضها الشتوي والصيفي فما زالت في مكانها.وتحتل سينما نورماندي الصيفي مكانه خاصة جدا عند سكان مصر الجديدة باتساعها الشديد الذي يمكن أن يسع الف متفرج وبموقعها الرائع وما يحيط بها من أشجار النخيل. ومازالت سينما كشمير في مكانها في شارع ابراهيم بالكوربة وأن كان اسمها تحول إلي هيلوبوليس واغلقت سينما بالاس أبوابها منذ سنوات طويلة أما سينما محمد علي في ميدان سفير فقد اختفت تماما ومثلها سينما ميدان الجامع.والأسواق أيضا كان لها مكانها وأشهرها علي الاطلاق سوق صلاح الدين وميدان الجامع ويتوسط ميدان صلاح الدين الجامع القديم وهو ما جعل المنطقة تعرف باسم ميدان الجامع أيضا وكان واحدا من المعالم التي روجت منذ البداية للإقبال علي مصر الجديدة فكان يوضع في الاعلانات عنها ان المنازل بقرب الجامع الجديد وقتها.ويمتد شارع هارون الرشيد مستكملا ميدان صلاح الدين والجامع ليزدهم الشارع بالمساكن وخلفه تقع المنطقة الشعبية في مصر الجديدة والتي تعرف باسم (العزبة) وكان يقيم في تلك المنطقة عند إنشائها العمال وأصحاب الحرف والسائقون وغيرهم وكان شارع هارون الرشيد يعرف في البداية وقبل الثورة باسم (سان ستيفانو) وتوجد به مباني تمتد مسافة طويلة من الشارع معروفة باسم (البلك) وأنشئ عام 1906 اقام فيه بعد ذلك الأسري الإيطاليون في الحرب العالمية الأولي وهو علي ارتفاع دور واحد تتراص فيه الغرف وامامها سور منخفض وأصبح الآن يسكنه عائلات مختلفة.ويعد مسجد السلطان حسين كامل من أشهر مساجد مصر الجديدة وهو معروف الآن باسم مسجد الثورة وتم افتتاحه عام .1915وهناك فندق هوليوبوليس الذي أصبح الآن المقر الرسمي للحكم وعمر الفندق من عمر مصر الجديدة فقد بدأ بناؤه عام 1908 واستغرق بناؤه عامين علي مساحة 40 الف متر وصممه المهندس البلجيكي إرنست جاسبار الذي امتدت لمساته علي كثير من منشآت مصر الجديدة ويجمع الفندق بين عدة طرز معمارية مختلفة وتعد قبته من أشهر القباب فهي ترتفع 55 مترا فوق قاعة الاستقبال التي تبلغ مساحتها 9،58 متر وصمم هذه القبة الكسندر مارسيل وزينها المهندس جورج لوي لكور وهما مهندسان فرنسيان وصمم ونفذ تحف الفندق في دمشق علي الطراز العربي ويعد سقفه تحفة معمارية فهو يرتفع فوق 22 عمودا. وزين جدران القاعات بالمرايا وتم استيراد أثاث الفندق بالكامل من انجلترا.وفي عام 1915 تم افتتاح الفندق الذي ضم 400 غرفة إلي جانب 55 جناحا لإقامة كبار الزوار وكان أول نزيل له دور هومتر الألماني وجاء رئيس الطهاه الشيف جويمن من مطعم بابار في باريس.وعندما اندلعت الحرب العالمية الأولي استولت القوات الانجليزية علي الفندق الذي كان يمتلكه رجل الأعمال الفرنسي (ماركت) وحولته إلي مستشفي لعلاج مصابي الحرب وبانتهاء الحرب عاد مرة أخري ليفتتح كفندق وبعد سنوات طويلة فقد الفندق بريقه مرة ثانية أمام منافسة الفنادق التي أقميت علي النيل ليهمل حتي يتم تحويله إلي مقر للحكومة المركزية عقب إعلان الوحدة بين مصر وسوريا عام 1958 وفي الستينات حمل اسم الحكومة الاتحادية.. وعاد إليه البريق في الثمانينات ليصبح مقرا رسميا للحكم في مصر.ثم هناك قصر البارون الشهير الذي تعقدت مشكلته عشرات السنوات لتنتهي مع احتفالية مصر الجديدة واحتفالها بأعوامها المائة.. والقصر عندما شاهد البارون امبان القصر بدأت قصته الغريبة في معرض بباريس وكان القصر قد صممه المهندس المعماري سيو مارسيل وجمع فيه عدة طرز ابرزها الطراز الهندي ووقع البارون في هوي القصر وقرر شراءه وتفكيكه ونقله ليشرق من فوق ربوه علي واحته الجميلة.. وربض القصر فوق ربوته عام 1907 ليقيم فيه البارون كلما جاء إلي مصر وكان يستمتع بلحظات الغروب وهو يشرب الشاي في البرج الذي كان يتحرك في دوره كاملة علي قاعدة متحركة وكان القصر يشاهد بوضوح كامل من امام سباق الخيل مكان المريلاند حاليا. وستدب الحياة مرة أخري في القصر الرائع الذي كان مهددا بالإنهيار والذي سيستغرق ترميمه عامين ولكن ستقام احتفالية مصر الجديدة في حديقة القصر التي ستعود إلي رونقها.وهناك قصر ابراهيم باشا عبدالهادي وبني علي مساحة خمسة آلاف متر وبناه المهندس المعماري صالح مكرم عام 1944 وبعد قيام الثورة بيع لأحد كبار تجار الشاي في مصر الحاج مكرم ابراهيم واطلق علي القصر اسم زوزو اسم أشهر ماركات الشاي التي كان يبيعها.ويقع قصر آل لملوم علي مساحة اربعة آلاف متر في شارع العروبة وبني علي الطراز الفرنسي.وبني قصر دائرة ادهم باشا عام 1926 في شارع رمسيس ويحتل مساحة هائلة وبيع القصر عام 1977 وتداولته عدة ايدي قبل ان يستقر لدي أحد كبار ورجال الأعمال الذي قام بترميمه وأعده للسكن مؤخرا.ويعد قصر باغوص باشا نوبار المهندس وشريك البارون امبان في تأسيس مصر الجديدة واحدا من أجمل القصور وتحول بعد ذلك إلي مقر الشئون المعنوية للقوات المسلحة.وتستطيع أن نلاحظ قصر السلطان حسين كامل يقف بكل روعته وبنائه رغم أنه تحول لاحقا إلي مدرسة مصر الجديدة بنات ويقع جانب منه علي طريق المطار. وتم افتتاح القصر عام ..1914ومازال قصر الفريد بك شماس يقف شامخا محتفظا بطرازه المعماري الخاص وهو يشرف علي شارع الثورة من جانب والجانب الآخر علي شارع كليوباترا وخلف القصر تقع مساحة كبيرة من الحدائق وللقصر قصة طريفة. فعندما خطب الملك فاروق فريدة التي أصحبت فيما بعد ملكة مصر كانت تقيم في الاسكندرية ولم يكن لدي عائلتها مقر للإقامة في القاهرة فاختار الملك لها هذا القصر حتي يحين موعد الزواج وكان يتردد عليها لزيارتها في أثناء خطبتهما وفي مساء 19 يناير عام 1938 زينت واجهات القصر بالأنوار والرايات وكان أهالي مصر الجديدة يحتشدون امام القصر اللامع لرؤية العروس الملكية بل وجاءت فرقة شعبية إلي مصر الجديدة ووقفت امام القصر لتعزف انغامها وتقام رقصات الخيل العربية علي أنغام الموسيقي.. وشارك أصحاب القصور المجاورة فزينوا قصورهم وتحولت مصر الجديدة إلي قطعة متلألئة من الأضواء..وخرجت فريدة إلي قصر القبة وتصبح ملكة علي مصر ويعود القصر بعد ذلك لصاحبه.. يباع بعد ذلك إلي عدة ملاك حتي تستقر فيه بعد ذلك عائلة حاكم الشارقة السابق الشيخ صقر..
رجال الحكم والسلطةحظيت الضاحية الهادئة ومنذ نشأتها بأن تكون مركزا لحكم مصر ففي عام 1914 افتتح السلطان حسين كامل قصره ومسجده الذي يعرف الآن باسم مسجد الثورة.وبعد قيام الثورة اقام الرئيس الراحل جمال عبدالناصر في فيلا بمنطقة منشية البكري.وكانت السيدة سوزان مبارك واحدة من سكان مصر الجديدة من قبل زواجها من الرئيس محمد حسني مبارك واقام بعد زواجهما في شارع الحجاز أثناء توليه قيادة القوات الجوية وبعد أن تقلد منصب نائب رئيس الجمهورية انتقل إلي مقر اقامته في قصر العروبة.ومن أشهر سكانها شعراوي جمعة وسامي شرف ومحمد فائق وأمين هويدي والفريق الجمسي والفريق محمد فوزي والمشير أحمد إسماعيل. ورئيس الوزراء الراحل عاطف صدقي ورئيس الوزراء الأسبق الدكتور كمال الجنزوري والدكتور زكريا عزمي رئيس ديوان رئيس الجمهورية واقام فيها لفترة صفوت الشريف رئيس مجلس الشوري والكثير من الوزراء.واقام فيها الرئيس السوداني السابق جعفر النميري ومن قبل اقام الرئيس اليمني عبدا
السلال وحاكم الشارقة السابق وعائلته وبعض أفراد عائلة السنوسي ملك ليبيا وعبدالحميد السراج الوزير في حكومة الوحدة بين مصر وسوريا الحاج أمين الحسيني مفتي الديار الفلسطينية وجاءها من عام 1948 حتي عام .1960

هناك تعليق واحد:

Ragia يقول...

مش عرفة اعبر عن اللي انت كتبه بس اد كده انت حكيت اللي احنا حسينه و مضبوط جدا